إ إليك حقيقة ستوفر عليك الكثير من الوقت، لا يوجد وصفة سحرية أو طريق مختصرة أو نصيحة ذهبية أو دورة تدريبية واحدة من شأنها أن تجعلك فريلانسر ناجح.
أن تصبح فريلانسر ناجح هو أمر يتطلب العديد من الصفات والمهارات الخاصة مع الكثير من العمل الجاد، الصبر والإصرار، وإعطاء كل ما لديك مع توقع القليل. هذه المعادلة لا تقتصر فقط على العمل الحر فإذا قمت بتحقيقها في أي شيء تقوم به في حياتك تأكد أنك ستنجح به في النهاية.
ولكن -كما تعلم- هذه ليست مدونة لمشاركة نصائح مثالية عن النجاح في الحياة لا تنطبق على 99% من سكان هذا الكوكب، نحن هنا لكي نساعدك على أن تصبح فريلانسر ناجح، وفي هذا المقال سأخبرك بشيء تعلمته بعد 6 سنوات كاملة من العمل الحر تمنيت لو كنت قد عرفتها قبل أن أبدأ لإنها كانت ستوفر على الكثير.
هذا الشيء هو نظرية أسميتها “مثلث النجاح في العمل الحر“، هذا المثلث يتكون من 3 أضلاع (صفات) رئيسية هي الأكثر أهمية وتأثيرًا في أن تصبح فريلانسر ناجح، وأعدك أنك إذا وجهت 80% من طاقتك تجاه اكتساب وتطوير تلك الصفات الثلاثة ستصبح فريلانسر ناجح حتى وإن لم يكن لديك الكثير من الخبرة أو تمتلك مهارات خارقة. لذا بدون الحاجة إلى الحديث أكثر سأدعك تستكشف تلك الصفات الثلاثة…
3 صفات يجب عليك اكتسابها لكي تصبح فريلانسر ناجح
1- الثقة
قد تتعجب إذا أخبرتك أنه لكي تصبح فريلانسر ناجح فإن أهم صفة يجب أن تمتلكها هي الثقة، ولا ألومك على ذلك فمن وجهة نظرك كفريلانسر قد لا يكون الأمر بتلك الأهمية أو بنفس أهمية تطوير مهاراتك وجودة عملك، ولكن دعني أخبرك أنه من وجهة نظر عملائك المحتملين فتلك الصفة هي كل شيء!
هناك شيء ما يجب أن تعرفه عن عملائك المحتملين وهو أنهم لم يستيقظوا من النوم ليجدوا أنفسهم أصبحوا أصحاب أعمال Business Owners، بل جاء هذا الأمر بعد سنين من التجارب والتي تضمنت الكثير من خيبات الأمل ممن تعاملوا معهم سابقًا، ولهذا فستجد أصحاب الأعمال الأكثر خبرة يضعون الثقة في أعلى قائمة أولوياتهم كصفة أساسية فيمن يتعاملون معهم، والفريلانسرز يأتون في المقدمة في هذا الأمر.
الثقة التي أتحدث عنها هنا تشمل كل شيء، الثقة في قدراتك على إنجاز المهام، تسليمها في الوقت المحدد، الثقة في إمكانية العمل معك على المدى البعيد، الثقة في قراراتك وقدرتك على تحمل المسئولية، وبالطبع الثقة في شخصك أنت أيضًا.
وهذا ليس عيب أو خطأ فكلنا أيضًا نبحث عن تلك الصفة قبل أي شيء في تعاملاتنا اليومية مع أي شخص ننوي التعامل معه مرة أخرى وهذا يشمل أي شخص، فعند زيارتك للطبيب مثلًا -لا قدر الله- فإن أول ما تبحث عنه ويدور في ذهنك هو الثقة، هل يمكنني أن أثق في قدرته على علاجي؟ وغيرها من الأسئلة التي تبحث من خلالها على الثقة لأنها -للأسف الشديد- أصبحت عملة نادرة في وقتنا الحالي.
في الغالب ستجد أن الثقة هي السبب الرئيسي وراء اختيار معظم العملاء لك، لأن جودة عملك وسابقة أعمالك وآراء عملائك السابقين هي كلها موجهة من أجل تعزيز ثقة عميلك المحتمل في قدرتك على أداء المهام بالشكل الصحيح وفي الوقت المطلوب وبالتالي اختيارك لأداء المهمة، لذا تذكر هذا الأمر جيدًا عند قيامك بتلك الأشياء فالهدف منها ليس إبهار العميل أو إقناعه ولكن تعزيز الثقة وتقليل المجازفة.
وحتى وإن لم يكن لديك أي من تلك الأشياء فإن ما تطلبه من عميل محتمل أن يعمل معك هو أيضًا الثقة في قدرتك ولكن بدون وجود تأكيد على ذلك وإذا أختار العمل معك سيكون بسبب أنه وثق فيك قبل أي شيء، لذا أظهر دومًا أنك شخص جدير بالثقة قبل أي شيء آخر.
ولكن لماذا الثقة وليس الجودة؟
إذا كنت قد فكرت في هذا السؤال فأنت شخص ذكي لذا دعني أسألك سؤال في المقابل لأدعك تصل إلى الإجابة بنفسك.
حين تقرر شراء شيء ما خارج نطاق خبرتك ولنقل مثلًا سيارة جديدة وأنت لا تعلم شيء عن السيارات، فهل تذهب إلى أقرب وكيل سيارات لشراء أفضل سيارة تناسب ميزانيتك أم تسأل أصدقائك ومعارفك ممن تثق في حكمهم وخبرتهم حول السيارات؟
كما أشرت أنت شخص ذكي ولهذا أفترض أنك بنسبة 95% ستقوم بسؤال من تثق في خبرتهم ورأيهم حول السيارات لكي تختار الأفضل، عملائك يقومون بهذا الأمر أيضًا! ففي أي وقت ستجد أن نسبة العملاء الذين تعمل معهم بسبب ترشيحك لهم من عملاء سابقين لا تقل عن 50% في أسوأ الأحوال لأنهم -مثلك تمامًا- يبحثون عن الثقة وليس لديهم وقت للمجازفة.
حسنًا علمت أن الثقة هي أهم شيء ولكن بقي سؤال آخر…
كيف أظهر لعملائي المحتملين أنني جدير بالثقة وكيف أصنع رابط ثقة قوي بيني وبين عملائي الحاليين؟
هذا سؤال رائع يا صديقي! في البداية يجب أن تنظر للأمر من وجهة نظر العميل وليس من وجهة نظرك الشخصية لأن الأمر يختلف كليًا بالطريقة التي تنظر بها إليه.
بالنسبة للعملاء المحتملين فالأمر يتلخص في توفير إجابات مسبقة للتساؤلات والشكوك التي تطرأ على أذهانهم حول الثقة، وتوفير تلك الإجابات يتوقف على كيف وصل إليك العميل في البداية.
فإذا كان العميل قد تعرف عليك بناء على ترشيح من شخص آخر يعرفك ويثق فيه هذا العميل فأنت بالفعل قد تخطيت 50% من اختبار الثقة الذي يجريه العميل في مؤخرة عقله، وسيتبقى فقط أن تتعرف بالتفصيل على ما يريد تحقيقه وتجعله يعلم أنك تستطيع القيام به في الوقت المطلوب وبالجودة الأفضل (إذا كان هذا صحيحًا بالطبع)، هذا وحسب!
وإذا كان العميل قد وصل إليك عبر أحد منصات العمل الحر مثلًا ففي تلك الحالة أنت لديك الكثير من التساؤلات للإجابة عنها، هذه التساؤلات لن تكون مباشرة في كثير من الأحيان ولكن صدقني هي أهم ما يشغل بال العميل في تلك المرحلة، فهذا العميل قد لا يعرفك، ولهذا يجب أن تكون هويتك قابلة للتحقق بأن تكتب اسمك الشخصي بشكل صحيح وأن تضع صورة واضحة لك مع وصف شخصي يظهر هويتك ويعكس جانب مميز من شخصيتك.
بعد الانتهاء من جعل حسابك قابل للتحقق ويظهر أنك شخص حقيقي لك تاريخ طويل وتطمح في مستقبل أفضل، سيتبقى بعض الأسئلة الأخرى المتعلقة بقدرتك على أداء المهام وخبرتك والتزامك، وعادة ما يتم الإجابة عن تلك الأسئلة بإضافة سابقة أعمالك التي تحتوي على المشاريع التي عملت عليها مع آراء عملائك السابقين في تجربة التعامل معك.
وكما أشرت الهدف منها هو تعزيز الثقة وتقليل القلق حول اختيارك، لهذا يفضل أن تكون لشركات معروفة بالنسبة للعميل ويمكن البحث عنها على أن تكون جودتها رائعة، وأن تحرص على أن آراء العملاء السابقين هي حقيقية ولأشخاص معروفين يمكن الوصول إليهم، لأنك تحاول الإجابة على سؤال هل هناك شخص آخر وثق في العمل معك أم لا؟ وبالطبع فإذا كان هذا الشخص هو شركة أو شخص آخر يعرفه العميل فهذا كفيل أن يؤهلك للعمل مباشرة.
أما بالنسبة للعملاء الحاليين فإن أفضل طريقة لتعزيز الثقة معهم هي أن يكون لديك رصيد لا بأس به من القرارات الصائبة والعمل الجيد أولًا، وأن تكوّن معهم علاقة شبه شخصية وتسمح لهم بالتعرف على جوانب مختلفة من شخصيتك وأن تتعرف بدورك على جوانب مختلفة من شخصيتهم في إطار العمل أو خارجه بقليل إذا أتيحت لك الفرصة، بهذه الطريقة سيتكون بينكم رابط أقوى من الثقة وهو ما سيجعل عملائك يمنحونك الثقة التي تستحقها على المدى البعيد.
ولكن هناك أمر آخر يجب أن تعلمه أيضًا وهو أن…
الثقة ليست طريق باتجاه واحد!
تذكر أن علاقة العمل مثل العلاقات العاطفية، وأن أي علاقة عمل ناجحة تتطلب ثقة متبادلة، وكونك فريلانسر لا يعني أنك مجبر على تقبل مديرك في العمل وأنك لديك الحق في اختيار من الذي ستعمل معه، إلى متى، وكيف، تذكر أنك أنت المتحكم في سياق الأمور.
لذا يجب عليك في البداية أن تقوم بتحديد هوية عميلك المثالي (مثلما تقوم بتحديد هوية شريك حياتك أيضًا)، ولكي تتمكن من تحديد هوية عميلك المثالي يجب أن تقوم في البداية بتحديد مبادئك الشخصية وأولوياتك في العميل أنت أيضًا.
فعلى سبيل المثال انا لدي مبادئ شخصية لا أتنازل عنها عند التعامل مع أي عميل جديد أهمها:
- التفاهم لأنه أساس أي علاقة ناجحة، فيجب أن يكون لدي هذا العميل القدر الكافي من التفاهم والتفهم للعمل والتعامل معي على المستوى الشخصي.
- الخبرة، كونها تجعل العميل لديه رؤية واضحة لموقفه الحالي وما يريد تحقيقه وهو ما يمنحه فهم أبعد وأوضح للأمور وبالتالي يسهل كثيرًا من عملي في مساعدته على تحقيق أهدافه.
لذا أنصحك بالبدء في تحديد مبادئك الشخصية ومتطلباتك في عميلك المحتمل أنت أيضًا لأنها ستساعدك كثيرًا على تحقيق علاقة عمل ناجحة وطويلة مع من يتفقون مع مبادئك ومتطلباتك أنت أيضًا.
قد أشارك المزيد حول هذا الأمر في مقال لاحق ولكن في الوقت الحالي أنصحك بتجنب العميل المتردد أو الذي لا يعلم ما الذي يريده بالضبط لإنه سيصعب عليك إرضائه وبنسبة كبيرة ستكون تجربة العمل معه تجربة سيئة، وأنصحك بقراءة مقال أصعب أنواع العملاء وكيفية التعامل معها لتعرف المزيد حول هذا الأمر.
إذاً الثقة كانت الضلع الأول في مثلث النجاح في العمل الحر، وكما أشرت فهي أهم صفة يجب عليك اكتسابها والاهتمام بها لكي تصبح فريلانسر ناجح، ولكن ما الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد الثقة من حيث الأهمية والتأثير في رأيك؟ إليك الإجابة.
2- الالتزام
إذا كانت الثقة هي السفينة التي أنت بحاجة إليها لكي تصبح فريلانسر ناجح فالالتزام هو بمثابة القبطان الذي يقود ويحرك تلك السفينة إلى الاتجاه الصحيح والذي بدونه قد لا تعرف أين تذهب بتلك السفينة أو الأسوأ وهو أن تغرق تلك السفينة بالكامل.
فالالتزام بعيدًا عن كونه العامل الأساسي والمؤثر الأكبر في ثقة عميلك بك وبوعودك والتوقعات التي وضعتها هو بالتأكيد أكثر أهمية من جودة عملك وأي شيء آخر -بعد الثقة بالطبع- لأثبت لك صحة كلامي إليك هذا المثال.
لنفترض أنك شعرت بالجوع وترغب في أكل البيتزا وهناك مطعمان يقدمان البيتزا في المدينة التي تعيش بها، المطعم الأول يقوم بإعداد أفضل بيتزا في المدينة، ولكن خدمة التوصيل تتأخر كثيرًا وقد تصل البيتزا باردة، وغالبًا ما يصل طلبك بالخطأ أو لا يحتوي على كل ما طلبته، وأيضًا البيتزا لا تتناسب مع حجم التوقعات التي وضعوها في إعلاناتهم الجذابة، وهناك مطعم آخر يقدم بيتزا مقبولة المذاق ولكنها تصل دائمًا ساخنة وفي الموعد المحدد بنفس الجودة وبدون أخطاء وتناسب التوقعات التي وضعوها أو قد تتخطاها بقليل، في تلك الحالة أي مطعم ستختار؟
أي شخص سيختار المطعم الثاني بكل تأكيد، ولكن حتى وإن افترضنا أنك ستختار المطعم الأول الذي يقدم أفضل بيتزا في المدينة، سيبقى السؤال إلى متى؟ مرة؟ مرتان؟ ثلاث مرات؟ لقد طفح الكيل، لا أحد يحب أن يأكل البيتزا باردة!
لذلك فالدرس المستفاد من هذا المثال هو أن الالتزام عامل مهم للغاية لكي تصبح فريلانسر ناجح، وأن تكون متوسط الجودة شديد الالتزام خير لك من أن تكون رائع الجودة ولكن غير ملتزم بوعودك، مواعيدك، أو حتى تقديم نفس تلك الجودة في كل مرة.
الالتزام مثل الثقة أصبح صفة بالغة الأهمية لقلة وجودها نظرًا للطلب الهائل على كل شيء من حولنا، لذلك فهي أيضًا صفة يبحث عنها أي عميل ويضعها في ثاني قائمة أولوياته أيضًا عند تعامله مع أي فريلانسر، وصدقني حين يجد فريلانسر تتوفر لديه تلك الصفة من الممكن أن يتنازل عن الكثير من الأمور في مقابلها.
الالتزام أيضًا يمثل ميزة تنافسية تمنحك أفضلية كبيرة وهو ما يساهم في زيادة قيمتك المادية كفريلانسر لأن الكثير من العملاء يفضلون دفع المزيد للعمل مع فريلانسر يلتزم بعمله ومواعيده ووعوده لأن مخالفة تلك الالتزامات قد تكلف عملهم الكثير من الخسائر وهم لا يحبون أن يأخذوا تلك المجازفة.
ولأن الالتزام هو أمر يصعب تحقيقه دعني أطلعك على…
5 نصائح ستساعدك في الحفاظ على التزامك مع عملائك بشكل أفضل
الالتزام هو موضوع بالغ الأهمية فقد يتم تخصيص مقال كامل للحديث عنه في وقت لاحق ولكن الآن سأخبرك بتلك النصائح الخمسة.
- راقب جدول أعمالك وحياتك الشخصية وتجنب الموافقة على أداء أعمال ليس لديك الوقت الكافي للانتهاء منها وتسليمها في الوقت المحدد أو الموافقة على القيام بأعمال أكبر من وقتك المخصص للعمل.
- قم بتحديد قدراتك من حيث الإمكانيات المتاحة والمهارات والوقت وأعمل وفقًا لها، ولا تقم بالموافقة على أداء مهام خارج نطاق خبرتك أو إمكانياتك بدون أن تخبر عميلك بذلك مسبقًا وتمنحه حرية الاختيار.
- تجنب تقديم وعود كبيرة أو وضع توقعات عالية لا يمكنك تحقيقها، وقم بإدارة التوقعات بشكل أفضل بأن تعد بالقليل وتقدم الكثير هذا سيمنحك مساحة أفضل للعمل وسيجعل عملك يبدو ذو قيمة أكبر.
- كن أكثر حكمة في اختيار المهام التي ستعمل عليها حتى لا تعمل طوال الوقت، وتجنب العمل على المهام المستهلكة للوقت بدون تأثير وركز على المهام التي ستمكنك من إظهار نقاط قوتك بشكل أفضل.
- قم بتقسيم المشاريع الكبيرة إلى مهام صغيرة بمراحل منفصلة وأجعل عميلك على إطلاع بما تحرزه من تقدم في كل مرحلة حتى يمكنك معرفة تقدمك في كل مرحلة بدلًا من التأخر عن المشروع بالكامل.
الآن بعد أن عرفت كيف أن الالتزام سيجعلك تصل بالسفينة إلى المكان الصحيح بقي أن تعلم كيف تصل إلى هذا المكان بأسرع طريقة ممكنة، لكي تصبح فريلانسر ناجح هناك صفة أخرى يجب عليك اكتسابها وتطويرها بشكل مستمر ودائم وهي…
3- الجودة
إذا نظرت من حولك ستجد أن العالم أصبح مزدحم، والفرص المتاحة لا تكفي الجميع لأن حجم المنافسة يفوق حجم الفرص المتاحة في كل شيء تقريبًا، فإذا كنت تعيش في بدلة صغيرة بها مكانين فقط يقدمان الآيس كريم قد لا تهتم كثيرًا لجودته، ولكن إذا كنت تعيش في مدينة تحتوي على 20 متجر للآيس كريم فأنت بالتأكيد ستبدأ في البحث عن واختيار من يقدم جودة أفضل وخاصةً إذا كانت بسعر أفضل.
وإذا فكرت في هذا المثال من منظور العمل الحر ستجد أن الجودة حتى أكثر أهمية من ذلك المثال البسيط، لأنك لم تعد تتنافس مع زملاء دراستك ممن هم في نفس مدينتك في الحصول على وظيفة في شركة محلية، بل أنت أصبحت في منافسة مع شاب هندي يعيش في قرية صغيرة لا تعرف حتى كيف تنطق اسمها بشكل صحيح!
لذلك فإن الجودة هي ثالث صفة يبحث عنها العميل ويضعها في قائمة أولوياته، وبالرغم من أنها تأتي بعد كلاً من الثقة والالتزام من حيث الأهمية إلا أن لها تأثير هائل على قرار اختيارك من قبل العميل، ولا بد أن تكون أولوية لديك كفريلانسر لأنها ستمكنك من أن تصبح فريلانسر ناجح.
ولهذا فإن أفضل طريقة تضمن لك فرصتك في المنافسة الشرسة هي بعدم خوض المنافسة من الأساس! لأن تلك المنافسة في كثير من الأحيان ما هي إلا سباق نحو الهاوية، هل ستقلل من أسعارك؟ هناك شخص يعيش في دولة أكثر فقرًا سيجعل أسعاره حتى أقل منك، هل ستعمل لوقت أطول مقابل نفس السعر؟ هناك حتمًا من هو مستعد للقيام بذلك بدون أي مشكلة، هذه السلوكيات لن تقودنا إلى أي مكان آخر غير الهاوية وأن يفقد عملنا قيمته بالكامل أو أننا حتى لن نستطيع القيام به لأنه لم يعد مجديِ.
ولكن هناك طريق آخر، وهو أن تتجنب تمامًا خوض ذلك السباق إلى الهاوية بأن تقدم جودة أفضل، لأنك بتقديم جودة أفضل ستحصل على عملاء أفضل، وحصولك على عملاء أفضل سيجعلك تحصل على المزيد من العملاء الجيدين، وعملاء أفضل يعني أنهم يعلمون قيمة ما تقوم به وأنهم مستعدون لتقديم الكثير مقابله، وما ينتج عن هذا الأمر هو حياة أفضل لك ولي ولنا جميعًا، هذه واحدة من الأشياء التي كثيرًا ما قالها Seth Godin ولكنك حتمًا ستعرفها جيدًا إذا كنت قد خضت تلك التجربة بنفسك في أحد الطريقين.
وهنا يجب أن تعلم أن اهتمامك بتطوير جودة عملك بشكل مستمر يجب أن تكون قيمة داخلية لديك أنت مؤمن بها وبأهميتها قبل أن تكون ضرورة للبقاء والمنافسة وحتى خلق فرص جديدة، فيجب أن تهتم بتخصيص وقت لتطوير مهاراتك وزيادة خبراتك مثلما تهتم بالوقت الذي تعمل به، يجب أن تستلهم وتتعلم طوال الوقت ممن هم أفضل منك مهارة وأكثر خبرة وعلمًا.
أيضًا يجب أن تتابع دومًا آخر التطورات والتغييرات التي تطرأ في مجال عملك فقد تعتمد في عملك على أحد الأدوات أو الطرق ثم تكتشف في اليوم التالي أن هناك طريقة أفضل للقيام بالأمور وأن تلك الطريقة أو الأداة التي تستخدمها أصبحت من الماضي.
لهذا لا يجب فقط أن تعلم كل ما يتغير في مجال عملك وتستعد لما سيترتب على هذا التغيير وحسب ولكن يجب أن تعلم الأفضل لأن معرفتك بأفضل الأدوات ستساعدك على تقديم جودة أفضل وفي وقت أقل، ولهذا قمنا بإنشاء دليل أدوات العمل الحر وهو المكان الذي يحتوي على جميع الأدوات التي أنت بحاجة إليها في عملك الحر وأنصحك بشدة أن تتعرف عليها.
جودة أفضل أم إنتاجية أكبر؟
وبالطبع حين نتحدث عن الجودة يكون لدينا سؤال في غاية الأهمية وهو: أيهما أكثر أهمية، الكم أم الكيف؟ الجودة أم الإنتاجية؟ أن تنتج أكثر أم أن تقدم جودة أفضل؟
شخصيًا قضيت وقت طويل للغاية مؤمن بأن الجودة أكثر أهمية من الإنتاجية، ولكن مع الوقت والعديد من التجارب تعلمت أن هذا لم يكن صحيح كليًا، وأنه لا يوجد إجابة صحيحة وأخرى خاطئة لهذا السؤال من الأساس، فالسؤال نفسه هو سؤال ديناميكي وليس ثابت، وبالتالي فإن الإجابة عليه تتغير بتغير السياق، والسياق يشمل العديد من الأشياء ففي بعض المجالات ستجد أن الكم هو الإجابة الأكثر منطقية وفي مجالات وظروف أخرى فالجودة قد تكون الأفضل.
لذا أتمنى أن ينتهي الجدال حول هذا السؤال بأن يتم الإجابة عليه في سياقه بدلاً من محاولة وضع إجابة عامة وتقديمها للجميع على أنها الإجابة الصحيحة، لأنك قد تسمع من أحد الأشخاص أن الكم أكثر أهمية من الكيف وتجد ما يقوله مقنع للغاية ولكن حين تحاول تطبيقه في سياق آخر ستجد أنه لا يحقق أفضل نتيجة والعكس صحيح كذلك، لذلك وبعد توضيح هذا الأمر دعني أخبرك بالإجابة الأنسب في سياق ما نتحدث عنه…
الموازنة بين الجودة والإنتاجية هي ما يجب أن تسعى لتحقيقه وليس أحد الأمرين، ففي كثير من الأحيان إذا كانت إنتاجيتك كبيرة للغاية فهذا قد يكون مؤشر خطر على أن مستواك لا يتطور، وفي تلك الحالة ستصبح موظف ولكن بمسمى مختلف، وعلى الجانب الآخر إذا كنت تهتم بالجودة بشكل كبير فهذا أيضًا قد يكون مؤشر خطر على أنك أما ستأخذ وقت أطول في الانتهاء من أي شيء أو قد لا تنتهي منه أبدًا أو ستشعر بعدم الرضا لأنك لم تحقق الكمال فيما تقوم به وهي مشكلة أخرى بالغة الأهمية أيضًا.
لذلك أنصحك دومًا بالحفاظ على التوازن بين الجودة والكم، ولكي تتمكن من الموازنة بينهما بشكل صحيح يجب أن توازن في البداية بين إنتاجيتك وقدرتك على الإنتاج وهو ما تحدثت عنه بشكل أكبر في مقال كيف تخرج من سجن وضعك الحالي لذا أنصحك بقراءته بعد الانتهاء من قراءة هذا المقال لتعلم المزيد حول هذا الأمر.
ولكن أليست السرعة مطلوبة كذلك؟
هناك قاعدة أساسية يتعلمها الأطفال في أكاديميات تدريب كرة القدم، وهي أن تتعلم التكنيك (الطريقة) وتتدرب عليه عدة مرات حتى تتقنه ثم بعد ذلك تبدأ في القيام به بصورة أسرع، هكذا تكتسب الخبرة وتصقل المهارة. عن طريق التعلم، ثم التدرب (الممارسة) ثم زيادة السرعة تدريجيًا في الأخير، هذا هو الترتيب الذي يجب أن تكون عليه الأمور فالسرعة لا يمكن أن تأتي قبل التدرب أو التعلم.
أخبرك بهذا الأمر لكي تعلم أن السرعة بالتأكيد مطلوبة وهي مهمة للغاية ولكنها لا يجب أن تأتي على حساب الجودة، فالجودة دائمًا ما تأتي أولًا، بالطبع تحقيقك لجودة أفضل في وقت أقل هو أفضل ما يمكن تحقيقه، ولكن لتتمكن من تحقيقه بشكل صحيح يجب أن تعلم أن الجودة تأتي أولًا ثم تكتسب السرعة بالممارسة والتدريب المستمرين أثناء الحفاظ على وتطوير الجودة، لذا لا تستعجل الأمور وركز على الجودة والسرعة ستأتي لاحقًا لكي تضمن أن سرعتك في الإنتاج لا تأتي على حساب الجودة.
يمكنك الإنتهاء من أحد المهام وإرسالها إلى عميلك في وقت سريع وسيكون الإنطباع الأول لعميلك أن هذا أمر رائع، ولكن إذا كان هناك العديد من الأخطاء الإملائية أو الأخطاء الناتجة عن عدم مراجعة العمل بشكل جيد فسيكون هذا الأمر محرج للغاية بالنسبة لك، وسيفقد عملك بريقه ويظهر بجودة أقل، وحتى قد يتم تفسير السرعة في الإنتهاء من العمل على أنها محاولة للتخلص منه، أما إذا تأخرت بعض الوقت فقد يكون الإنطباع الأول لعميلك أن هذا ليس أمر جيد ولكن إذا وجد أن هذا الوقت الإضافي نتج عنه عمل رائع ومراجع جيدًا وجودته أفضل مما توقعه فسيكون الإنطباع النهائي أفضل بكثير من الحالة الأخرى.
وطبعًا لا شيء أفضل من أن تجمع الأمرين معًا ولكن كما أخبرتك أنك في البداية قد لا تستطيع القيام بهذا الأمر لأنك ليس لديك الخبرة الكافية ولهذا أيضًا أخبرك بأن الجودة أكثر أهمية من السرعة في تلك الحالة لذا ضعها في المقدمة.
بهذا أكون قد انتهيت من مشاركة كل ما لدي حول أن تصبح فريلانسر ناجح بالتركيز على تلك الصفات الثلاثة، بقي أن أشارك تطبيق عملي متقدم لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا المقال وملخص سريع حتى لا تنسى ما تعلمته، ولكنه سيكون مخصص لداعمينا على باتريون.
تطبيق عملي متقدم لداعمينا على باتريون
الخلاصة
خلاصة ما ورد في هذا المقال هو أنه لكي تصبح فريلانسر ناجح هناك 3 صفات رئيسية يجب أن تتحل بها يمكنكك تذكرها بأنها مثلث النجاح في العمل الحر، هذه الصفات الثلاثة هي:
- الثقة
- الالتزام
- الجودة
لماذا تلك الصفات الثلاثة بالتحديد وبهذا الترتيب، لأن تلك الصفات الثلاثة هي ما يبحث عنه أي عميل عند اختيار فريلانسر للعمل معه وتكوين علاقة عمل على المدى البعيد، لذلك اهتمامك باكتساب وتطوير وإظهار تلك الصفات الثلاثة بشكل أفضل سيجعل منك فريلانسر ناجح حتى وإن كنت تفتقر إلى كثير من المهارات الخاصة الأخرى.
وبطبيعة الحال فإن وجود مشكلة لديك في أي من تلك الصفات الثلاثة سيكون له تأثير كبير على نجاحك في تكوين علاقة عمل ناجحة مع عملائك المحتملين والحاليين لذا أعمل دومًا على اكتسابها وتطويرها وإظهارها بالشكل الصحيح.
والآن جاء دورك، إذا كان هناك صفة أخرى من الممكن أن يتم إضافتها إلى تلك الصفات، ماذا في رأيك ستكون تلك الصفة؟ أنتظر معرفتها منك في التعليقات.
23 تعليق. Leave new
روعه👍👍👍💯💯
أشكرك يا علاء
الله ينور ❤️❤️
الله يكرمك يا بيتر ❤
جميل جدا
أشكرك يا محمد أنت أجمل، سعدت بقراءتك للمقال
كالعادة يا علي ، فوق الممتاز ، مقالة دسمة جدا تجعلك تعيد حساباتك في تعاملك وعملك 💯👍
كل التوفيق لك❤
أشكرك جدًا يا حازم على قراءتك ومشاركتك لرأيك الجميل، بتمنالك كل ما هو أفضل ليك ❤
مقالة ممتازة جدا وجاوبت لي علي تساؤلات كثيرة بخصوص افضل طريقة للتعامل مع العملاء واستدامة العلاقة مع العميل .. فشكرا لك كتير ياعلي وكالعادة مقالاتك دايما ممتازة ودسمة .
سعيد جدًا بقراءتك للمقال يا محمد وسعيد أكتر إنك لقيت فيها إجابات على تساؤلات كانت بتدور في ذهنك، وصدقني مفيش أي داعي للشكر دا واجبي تجاه المجتمع اللي أنا جزء منه، وأسعدني جدًا رأيك في اللي بكتبه يا محمد.
شكرا جزيلا ، كنت في اشد الحوجة لهذا الموضوع الثر القيم وخاصة انني طوال عشرون عاما اعمل موظف بالراتب الشهري واخيرا سنحت لي الفرصة لاعمل لحسابي الخاص وخاصة انني مبدع في عملي واحمل شهادة دكتوراة وخبرة عشرون عاما فاتخذت قراري لاكون مسشتار قانوني متخصص في تقديم الاستشارات الاقانونية وكتابة اللوائح والاعتراضات / اشكرا مرة اخرى وانا مستعد لخدمتك ، مع خالص شكري وتقديري.
لا داعي للشكر فهذا واجبي، سعدت بمعرفة ما لديك من خبرة ماشاء الله.
تقديم الإستشارات القانونية وبعض الأعمال القانونية أصبح من الأعمال التي يمكن القيام بها عن بعد بكل سهولة وسلاسة وستجد الكثير من المنصات التي ستمكنك من تقديم خدمتك للكثيرين أيضًا، سعدت بقرائتك لهذا المقال وأتمنى لك كل التوفيق.
حضرتك شخصية محترمة جدا وبتعلم منك كتير ربنا يكرمك و يوفقك
أشكرك يا أندرو على كلامك الجميل ربنا يوفقك ويزيدك علم ونفع يارب.
شكرا” على مقالاتك الممتازة ،
زادك الله علما” ونفع بك
شكرا
لماذا لا توجد في الموقع مقالات جديدة ، فالموقع هذا كان يعجبني
مقال أكثر من رائع, شكرا لك
أهلاً ياعلي ازيك يارب تكون بخير
رائع كاالعادة ورواند تو قراية بقي لكل المقالات 😀
احسنت اخي
انا عاوز ابدأ شغل ابدأ ازاى
ياريت تطمنا عليك أخي علي
أشتقنا لكتاباتك ياعم علي والغياب طول أووووووووووووووووووووووووووووي وفيه كتير في الساحة بتهبد وعاوزة تطلع ع المسرح واحشني جداً جداً جداً وزعلان منك زعل المحب لأني حاولت أتصل بيك وكلمتك ع الواتس مردتش
عامة براحتك بقي ههههه أنا هعمل Re-Reading للـ Articles بتاعتك ولكومنتاتي العظيمة اللي من 2020 هههه من تاني ومستنيك ع الفيس باالتأكيد يا كبير